“التسرب والتهرب” من البيوت والمدارس يدق ناقوس الخطر

“التسرب والتهرب” من البيوت والمدارس يدق ناقوس الخطر

عمّان – البوصلة

لم تعد وحدها ظاهرة التسرب من المدارس والجامعات ومحاضن العلم التي تثير مخاوف المجتمع وتقلق الأسر والبيوت فقط؛ بل انضم إليها سلوكٌ جديدٌ من شأنه أن يثير مخاوف أولياء الأمور ألا وهو تهرب الأبناء من البيوت والغياب لأيام وأسابيع وربما لشهورٍ وسنوات بدوافع مختلفة لا بد من الانتنباه لها ودراستها ودق ناقوس الخطر قبل أن تصبح ظاهرة لعل أخطر ما فيها ازدياد تفتت الروابط الأسرية وضعف اللبنة الأساسية في المجتمع بحسب خبراء تربويين.

وأكدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” أن تسارع الأحداث في الآونة الأخيرة، ممّا لا شك فيه يدعونا للوقوف عندها والتساؤل عن أسباب ما وصلت إليه الأجيال، سواءً في المراحل الدراسية الدنيا والعليا، في المدارس والجامعات، لقد صرنا نسمع ونرى تشوهات سلوكية في المجتمع، هذه التشوهات قديمة حديثة، لكنها بدأت تطفو على السطح، الأمر الذي يثير القلق والخوف معاً، ونتساءل، تُرى إلى أين نحن ذاهبون؟

عربيات: أبناؤنا ليسوا مجرد أرقام ويجب إعادة النظر في المنظومة التربوية التعليمية

ولفتت عربيات إلى أنّه “عندما تكون هذه التشوهات السلوكية صادرة من طلبة المدارس أو الجامعات، أو من عددٍ من خرِّيجي الجامعات، لا بد من تحليل هذه التشوهات التي لا تدل على تربية ولا على تعليم، ذلك لأنه لا يمكن لعاقلٍ أن يستوعب ما يحدث”.  

الأسرة وبداية القصة

ونوهت عربيات إلى أنّ “الحكاية تبدأ من الأسرة داخل البيت، وهذا أمر مهم لأن الأسرة هي الجهة المسؤولة أولاً وأخيراً عن تربية الأبناء، لكن مع الأسف الشديد نجد بعض أولياء الأمور لا يدركون معنى التربية، والبعض الآخر غير مهتم بالتربية وربما يحتاجون إلى تربية، بينما هناك فئة قليلة على قدر من الوعي والمسؤولية، لكن هذه الفئة تربي ولا تعرف ما الذي يتعرض له الأبناء من مؤثرات سلبية، سواءً كانت من رفاق السوء خارج البيت، أو من وسائل التواصل الإفتراضي، والتي أصبحت وسائل تدمير وهدم للفكر والتربية! إذ لا توجد رقابة على المحتوى الذي يستغرق عليه الطفل والمراهق والشاب وقتاً طويلاً دون أدنى إحساس بالمسؤولية بالتأكيد، وبالتالي ظهرت هذه التشوهات في السلوك وفي اتخاذ قرارات غير مسؤولة كما نرى ونسمع!”.

إقرأ أيضأ: مستشارة تربوية: حجم تسرب الطلبة من المدارس مؤشرٌ خطيرٌ لا ينبغي الاستهانة به

وقالت الخبيرة التربوية: منذ متى كنا نسمع عن غياب أو اختفاء فتاة أو شاب؟ منذ متى كانت المدارس حرماً غير آمن؟ منذ متى كانت البيوت طاردة لأبنائها؟ لا بد من وجود سبب،أو أسباب، ولعلَّ أهمها الهاتف الذكي الذي جعل الناس تتصرف بطريقة غبيَّة، فانتشرت المخدرات، وأصابت بيوتنا وأبنائنا، وانتشرت الأفكار السلبية عن طريق صور ومنشورات وفيديوهات قصيرة عبر مختلف أنواع التواصل الإفتراضي، والتي دفعت بهؤلاء الشباب للتسرب من المدارس، والتهرب من البيوت، أضف إلى ذلك فقدان المعلم المربي المسؤول داخل مدارسنا، لأن معظم الموجودين على الساحة التعليمية هائمين على وجوههم، فكيف يمكنهم أن يكونوا مؤثرين إيجابياً في هذا الجيل؟

واستدركت بالقول: أضف إلى ذلك عدم متابعة المدارس لتغيب الطلبة بشكلٍ يحمي الطلبة من أخطار الهاتف والشارع ورفاق السوء، إذ يجب تبليغ ولي الأمر فوراً إن تأخر الطالب عن الحصة الأولى، ولا تنتظر المدرسة غياب ثلاثة أيام متواصلة كما هو معتاد، فنحن في زمن التكنولوجيا، ومن السهل التواصل مع ولي الأمر خلال دقائق فلماذا التأخير؟ !

وتابعت حديثها، “لقد تراود على مسامعنا قبل شهر تقريباً، فكرة دمج وزارتي التربية والتعليم مع التعليم العالي، لتصبح وزارة للتنمية البشرية وأتمنى أن لا يتم ذلك وهنا أقول كيف يمكن تحقيق التنمية دون تربية ودون تعليم؟ بل لماذا نريد أن نمحو مصطلح التربية والتعليم؟؟ إن هذه مؤشرات خطيرة على المجتمع، وعلى الأجيال القادمة !! كما أن إقرار قانون حقوق الطفل قبل فترة سيكون له آثاراً سلبية على المجتمع بأكمله،علينا التنبُّه للخطر القادم، خصوصاً إذا فقد الطالب ثقته بالمعلم والمدرسة فكيف يمكن أن ننهض في قادم الأيام والأعوام؟”.

وعبرت عن أسفها من أنّ المنابر الدينية والتربوية أصبحت مهجورة، غير جاذبة، الأمر الذي فتح المجال أمام كثير من المنابر الإعلامية وضع السُّم في الدَّسَم من خلال برامج تافهة وسخيفة لا تبني إنسان ولا أوطان، ناهيك عن تسليط الضوء على لعبة كرة القدم التي يلهو بها الشباب والفتيات لاحقاً ليكون أقصى هدف هو المشاركة في هذه اللعبة للوصول إلى النجوميَّة، فما الذي يدفع الطلبة للإهتمام بالدراسة طالما أنه يمكنهم جني الأموال من ركلة الأقدام! وقد كتبتُ يوماً أننا لن نرتقي طالما بقيت أهدافنا أرضية”.

وختمت عربيات بالتأكيد على أنّه “قد آن الأوان أن ندقَّ ناقوس الخطر، ولأن الوقت ليس في صالحنا، أرى أنه يجب البدء بإغلاق المواقع الإباحية فوراً، وتحديد الفئات العمرية التي تستخدم الإنترنت أوقات العمل، ولا ضير من عدم وجود نت في البيوت ليلاً، ذلك لأنها أوقات لهو وعبث بكل ما تعني الكلمة، كما يجب إعادة النظر في المنظومة التربوية التعليمية، ذلك لأن أبناءنا الطلبة ليسو مجرد أرقام، وليسو مجرد ورقة في سجلِّ الأيام، نريد تحديد من هو المُلام؟ ومن يعبث في الظلام ؟ فالأمر لا يحتمل الإنتظار عام أو أعوام!”.

غياب أحداث عن بيوتهم يثير قلق المجتمع

وكان غياب عددٍ من الأحداث عن بيوتهم وتزامن ذلك وسط الأسبوع الماضي أثار الجدل والخوف في المجتمع الأردني عن الأسباب والدوافع التي تقف خلفها، قبل أن يبدد غموض القصة عثور الأمن العام على حدثين الجمعة غابا عن بيتيهما وتركا رسالة لأهلهما أنهما بخير ويسعيان للبحث عن الرزق وتحسين الأوضاع المادية.

وقال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام إنّ فرق البحث والتفتيش المكلفة بمتابعة البحث عن الحدثين المتغيبين في مدينة إربد تمكنت احدى مجموعات البحث الجنائي من تحديد مكانهما والوصول اليهما في منطقة البيادر في العاصمة وهما بصحة جيدة.

وأكّد أنّه سيتم الاستماع لاقوالهما ومباشرة إجراءات تسليمهما لذويهما.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: