المومني لـ “البوصلة”: الشفافية الرسمية مع الرأي العام تعزز قوة الدولة ومواقفها الدبلوماسية

المومني لـ “البوصلة”: الشفافية الرسمية مع الرأي العام تعزز قوة الدولة ومواقفها الدبلوماسية

أكد على ضرورة “مأسسة” اللقاءات الرسمية مع النخب والمواطنين

عمّان – رائد صبيح

أكد الخبير الإستراتيجي وأستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” على ضرورة استمرار التواصل الرسمي والاشتباك الإيجابي بكل شفافية مع الرأي العام الأردني، مشددًا على أنّ هذا الأمر ينطوي على إيجابيات كثيرة جدًا ويسهم في تعزيز قوة الدولة الأردنية خاصة في “صناعة السياسة الخارجية” والدبلوماسية الأردنية.

حديث المومني جاء في معرض تعليقه على الجلسة الحوارية التي أجراها “معهد السياسات والمجتمع” وكان ضيفها وزير الخارجية أيمن الصفدي وضيوفها عدد من النخب السياسية والإعلامية والأكاديمية، وجرى الحديث خلالها حول “الدبلوماسية الأردنية والتطورات الإقليمية والدولية”، وتم تسليط الضوء عليها من خلال عدد من الكتاب والإعلاميين، لا سيما وأنّها جرت بعيدًا عن عيون الصحافة والإعلام وفي إطار نخبوي.

وأكد المومني على أنّ اللقاء الذي جرى مع وزير الخارجية أيمن الصفدي وبغض النظر عن التفاصيل التي تمّت فيه، كان من الأهمية بمكان، مشددًا بالقول: “على الصعيد الشخصي كنت سعيدًا باللقاء”.

ولفت إلى أنّ اللقاء طرح أمورًا مهمة متعلقة بالمصالح الإستراتيجية الأردنية، سواء كانت القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية، وكذلك الواقع السوري الذي هو من الأهمية بمكان والجهود الدبلوماسية الأردنية والخطة الأردنية من أجل تحريك الوضع الراهن في سوريا الذي أضر بالجميع بمن فيهم الأردن.

أ.د.حسن المومني: الشفافية الرسمية تغلق الأبواب على الدعايات المضللة والمعلومات المزيفة والشائعات

وأشار المومني إلى أنّ اللقاء ناقش الموضوع العراقي والشراكة الإستراتيجية معه وكذلك الشراكة مع الجانب المصري، والعلاقة مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة والعلاقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكثير من الأمور الأخرى التي تمّ توضيحها وتحدث عنها زملاؤنا من الكتاب والنخب للإعلام الأردني.

وتابع المومني حديثه بالقول: “بتقديري الشخصي كان اللقاء مهمًا للغاية، وأنا اقترح مأسسة هذا اللقاء، ويكون لقاءات دورية مع النخب والمواطنين، وليتم من وقت لآخر دعوة قيادات مجتمعية والمهتمين وعقد محاضرات والاشتباك مع الرأي العام الأردني، وكذلك لا بد من إطلالات من خلال إعلام الدولة سواء القطاع العام أو الخاص”.

اللقاء والتأكيد على أدوار الدبلوماسية الأردنية

ومن الانطباعات التي تحدث بها المومني لـ “البوصلة” ولمسها خلال اللقاء مع وزير الخارجية، أكد أنه عند الحديث عن السياسة الخارجية الأردنية وأدواتها وبالذات أدواتها الدبلوماسية فإنّ الأردن في السياق العام كدولة مؤسسة منذ أكثر من مائة عام استطاعت في سياقٍ تراكمي أن تؤسس مدرسة دبلوماسية سياسية في نهاية المطاف جوهرها “الواقعية السياسية” والفهم العميق لمجريات الأمور وإمكانيات الأردن، لأنّ المكانة والدور تحددها الإمكانات، وبالذات كيفية توظيفها.

وتابع بالقول: كمتابع ومتخصص في الدبلوماسية الخارجية الأردنية أعتقد أنّ الأردن تعدّ واحدة من الدول في الإقليم والعالم تتمتع بدبلوماسية فاعلة ونشطة وأمّنت حضورًا مميزًا ومجموعة أدوار دولية وازنة.

ولفت المومني إلى أنّ “الإمكانات وطريقة توظيفها مهم جدًا لا سيما وأن الأردن يعيش في بيئة خشنة وضاغطة ولديه مشاكل في الموارد، لكن الأردن عوض بعضًا من هذه المصادر المفقودة في سياق نشاط دبلوماسي مبني على فهم الواقع الجيوسياسي له وتوظيفه بشكل ممتاز”.

إقرأ أيضًا: المومني يكشف لـ “البوصلة” السبب غير المعلن لزيارة رئيس وزراء العراق للأردن

وأشار إلى أنّ الأدوار التي لعبها الأردن ويعلمها الجميع وعلى رأسها مركزية للدور الأردني في القضية الفلسطينية، والكل يعلم بأنّ الصراع العربي الفلسطيني تحدي، لكنه في الوقت ذاته تعطي أهمية للاعبين خاصة عن الدول الأكثر ارتباطًا مع القضية مثل الأردن، مشددًا على أنّ “الطريقة التي أدار فيها الأردن واقع القضية الفلسطينية وقربه منها عظمت من مكانته في المنطقة”.

وأكد المومني على أنّ قضايا المنطقة ونشاط الأردن في الإقليم ضمن السياسة الدولية للشرق الأوسط والمنطقة العربية، منحت الأردن مجموعة أدوار مهمة في صناعة السلام والحرب على الإرهاب، والبعد الإنساني له حضور مميز باستضافة الأردن لملايين اللاجئين خلال عقود منح الأردن أهمية إضافية، مستدركًا في الوقت ذاته: “صحيح أنه يكون معضلة وعبء، لكن مسألة اللجوء والدور الإنساني الذي يلعبه الأردن فيه يعظم من هذه الأدوار”.

ردم فجوة الثقة والاشتباك الإيجابي

وقال المومني في تصريحاته لـ “البوصلة“: يجب على المسؤولين في الدولة أن يشتبكوا أكثر مع الرأي العام لأنه في نهاية المطاف، فإنّ هذا الرأي يتم تسخيره لدعم سياسات الدولة.

ولفت إلى أنّ الرأي العام واحدة من العوامل الهامّة في صناعة القرار والآن في معلم متطور تكنولوجيًا ومعلوماتيًا لا تستطيع أن تبقي الرأي العام في الظلام، حتى لو أردت ذلك، مشددًا في الوقت ذاته على أنّه “لا بد من أن تقوم الدولة والحكومات بتسويق سياساتها، سواء السياسات الداخلية أو الخارجية، ويجب أن يكون هناك مستوى من الشفافية في هذا السياق”.

واضاف المومني أنه يجب على المسؤولين أن يحرصوا على الاشتباك المتواصل مع الرأي العام من خلال الإعلام وقادة الرأي، ومن خلال الكثير من المناسبات وبالتالي توضيح مجريات الأمور، لا سيما وأنّ الرأي العام الواعي المتفهم يعتمد على قدرة الحكومة بالإقناع بسياساتها.

وأشار إلى أنه “إذا وجد لدينا الرأي العام المدرك المتفهم فإن هذا سيعزز من قوة الدولة خاصة في سياق القرارات الخارجية”.

كما أوضح المومني جانبا مهما ينطوي عليه مثل هذا اللقاء بالقول: في سياقات محددة فإنّ مثل هذا اللقاء يغلق الأبواب على مسألة الدعايات والمعلومات المزيفة والشائعات، وهذا مهم جدًا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التحديات التي تواجه المنطقة والأردن، فلا بد أن يكون الاشتباك الإيجابي مع الرأي العام.

إقرأ أيضًا: المومني لـ “البوصلة”: لا أحد يستبشر خيرًا بحكومة نتنياهو المتطرفة والأردن تكيف مع الأمر

وتابع المومني حديثه بالقول: نحن نعلم أنّ إحدى المشاكل التي طالما عانت منها الحكومات المتعاقبة أنه طالما كان هناك فجوة بين الرأي العام وبينها، بغض النظر عن أنّ حالة عدم الثقة قد تكون وصلت إلى مرحلة عالية، لدرجة أنّ الرأي العام أصبح يشكك بأمور حقيقية وقد تكون إيجابية، لكن ومع ذلك أصبح لدينا نمط من التفكير والسلوك الجميع المشكك في كل شيء.

وشدد على أن “مثل هكذا لقاء وأنا أتحدث كمواطن وأكاديمي ومحلل، كان لقاء هاما جدًا بامتياز، صحيح كان أنه ضمن قواعد وممارسات أكاديمية فكرية بمعنى أنّ اللقاء لم يكن خاضعًا للإعلام، لكن استطاع من حضر أن يخلق منها حالة ويطل على الإعلام ويتحدث عن الانطباعات عن هذا اللقاء الناجح”، على حد وصفه.

ومن جانب آخر قال المومني: إن المسألة لا تتعلق بالمسؤول فقط، لا بد من الشراكة والتنسيق وهذا يقع عبء وواجب على النخب سواء كانت ثقافية أو أكاديمية أو فكرية، وواجب على الإعلام لتوضيح الأمور والمشاركة فيها، ويجب أن يكون هناك مبادرات من هذه النخب لخلق شفافية أكثر بين المجتمع والمسؤولين.

واقترح المومني في ختام حديثه لـ “البوصلة” أن تكون المبادرة لعقد مثل هذه اللقاءات من هياكل إعلامية ومؤسسات مجتمع مدني ونخب وبالتالي تحفيز المسؤولين على الاشتباك الإيجابي مع الرأي العام.

 (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: