خبيرة تربوية تسلط الضوء على تجاوزات في المدارس الخاصة بـ “عقود ووعود”

خبيرة تربوية تسلط الضوء على تجاوزات في المدارس الخاصة بـ “عقود ووعود”

عمّان – البوصلة

عبّرت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” عن أسفها الشديد لكثيرٍ من التجاوزات التي ترتكتبها بعض المدارس الخاصة بحق العاملين فيها والطلبة على حدٍ سواءٍ وبشكلٍ ينعكس سلبًا على العملية التعليمية والمجتمع بأكمله، لافتة إلى أنّ هذه التجاوزات وصلت حدًا غير مقبولٍ بتوقيع “عقود” المعلمين بأقلام الرصاص و”ووعود” مدفوعة الثمن لطلابٍ راسبين من أجل النجاح والترفيع للصفوف التالية.

وأوضحت عربيات بالقول: أنّ الأخبار تطلّ علينا في نهاية كلِّ عامٍ دراسيّ بمشكلة بعض المعلمات العاملات في المدارس الخاصَّة، كيف يتم التعاقد معهنَّ، وكيف يتم تسليم الرواتب، وغيرها من الأمور المتعلقة بعدم وجود أمانٍ وظيفيّ لهذه المعلمات.

عقود عمل ظالمة

وأضافت أنّنا سمعنا هذا العام عن وجود نماذج مختلفة لعقد العمل في المدارس الخاصة، وإنني أستغرب وأتساءل، كيف يمكن ذلك؟ والملفت أيضاً أن يتم توقيع بعض عقود العمل بقلم رصاص، نعم، قلمُ رصاص، فهل يُعقل ذلك؟ تُرى هل يستغل أصحاب المصالح الخاصة “في بعض المدارس الخاصة” حاجة البعض للعمل، ليتمَّ توقيع العقد بفلم رصاص؟ إنَّ هذا شيءٌ عجيب وغريب، بل إنه أمرٌ مريب.

المستشارة بشرى عربيات: أثر التجاوزات السلبية في المدارس الخاصة على المجتمع سيعود يوماً لأنه أثرٌ مردود

وقالت عربيات: لقد زاد عددُ المدارس الخاصَّة ازدياداً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وكانت هذه الزيادة في العدد فقط، على حسابِ المضمون، أي على حسابِ العملية التربوية والتعليمية، فتجدَ كثيراً من المدارس لا ترقى لأن تكون صروحاً علمية،تفتقرُ لأبسطِ الموارد والإمكانيات التي تشيرُ إلى كونها مدرسة ، معظمها أبنية مستأجرة، وربما تكون أفنية لبعض المباني والمنازل، لا تحتوي ساحات، ولا يوجد فيها مختبرات، باختصار شديدٍ لا تتوفرُ فيها مواصفات المدرسة، فكيف استطاع أصحابها الحصول على ترخيص؟ هذا هو السؤال الأهمّ.

إقرأ أيضًا: عربيات: ستستمر معاناة المجتمع من آثار “الفاقد التعليمي” ما لم تتم معالجته

ولفتت عربيات بالقول: إنني تحدثت قبل أشهر يتعلق بتصنيف المدارس الخاصة، لأنه أصبح هذا التصنيف ضرورياً، للتقليل من العبث في العملية التعليمية، وللحدِّ من الظلم الذي تتعرضُ له بعض المعلمات كما نسمع عن بخسِ الأجور، وتوقيع كمبيالات، وغيرها من الممارسات التي لا ترقى بأي صرحٍ علميّ.

وأضافت، كما أودّ أن أشيرَ هنا إلى عدم التعميم، فقد عملتُ في القطاع الخاص حوالي أربعةَ عشرةَ عاماً، لم أرى ولم أسمع عن هذه الأمور، لذلك أرى أن المشكلة منحصرة في بعض المدارس التي لا أعلمُ كيف تمَّ ترخيصها، وبما أني لا أملكُ أي معلومة عن أسماء تلك المدارس فربما تكون العدوى منتقلة إلى مدارس أخرى، لذلك لا بدّ من وجود رقابة فعليّة من الجهات المعنية،لأنَّ هذا القطاع يتبع لجهاتٍ متعددة وهي وزارة العمل،وزارة التربية والتعليم بما فيها إدارة التعليم الخاص.

واستدركت عربيات بالقول: لكني لا أجد أن النقابات المسمَّية بهذا القطاع تملكُ أن تفعلَ شيئاً لأنها في نهاية المطاف لها مصالح خاصَّة، إذ أنَّ أعضاؤها مستثمرين في القطاع الخاص، بالتالي لا يمكنهم فرض قوانين على المدارس المجحفة بحقوق المعلمين والمعلمات العاملين فيها.

وعود للطلاب بالنجاح

وتابعت الخبيرة التربوية حديثها بالقول: من جهةٍ أخرى لا تقلُّ أهمية عمَّا يحدثُ مع العاملين في المدارس الخاصة، هي الوعود للطلبة بالنجاح، حتى لو لم تتحقق شروط ذلك، هنا أودّ أن أتساءل، ألا يوجد تدقيق للجداول المدرسية نهاية كل عام دراسيّ؟ أذكرُ أنه من المستحيل أن ينجحَ أيّ طالب لم يحقق النجاح في أربع مواد، وإذا كانت أقل من ذلك فإنه يتقدم لامتحان الإكمال، لكن ما يحدث الآن في بعض مدارس القطاع الخاص أنَّ الكلّ ناجح، حتى لو كان راسباً في خمس مواد من أصل سبع أو ثماني مواد، ويتم التنويه أو التلويح للإكمال – تنويه فقط – لكن بما أن الطلبة لا يطيقون الدراسة في الصيف فإنَّ الإكمال مجرد مفاوضات ليس أكثر، بحيث يكون التفاوض “إن تدفع، تترَفَّع” هل رأيتم أو سمعتم عن هذه المفاوضات؟ لا شك أن بعضكم رأى أو سمع، لكن ربما لا يتمكن من التصريح بذلك لأنه ببساطة أحد أطراف التفاوض.

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تناقش الآثار السلبية لـ “التوجيهي المحوسب” وتقدم نصائح

وقالت عربيات: مؤلم جداً أن وصل الحالُ ببعضِ مدارسنا إلى ما وصلَ إليه، لكن المؤلم حقاً هو عدم وجود رقابة على ما يحدث، فهل يُعقل أن تجدَ طالباً في الصف الحادي عشر على سبيل المثال، وهو لم يتجاوز الصف السابع؟ للأسف هذا هو الواقع المرير والذي يدخلُ فيه شريكاً رئيسياً أولياء الأمور، الذين هم طرفٌ أساسيّ من منظومة التفاوض، وهم يعرفون أن أبنائهم لم يتعلموا شيئاً، ولكن الهدف الرئيسي لهم أن يحصل الأبناء على شهادة مهما كان الثمن، شهادة ورقيَّة، لا تدل على تربية أو تعليم، ولذلك الشيء بالشيء يُذكر تنهارُ الأُسَر وينهارُ المجتمع، لأنَّ ما بُنِيَ على الغِشِّ والخداع باطل وفاسد.

وختمت بالقول: إذاً هي عقودٌ ووعود، بين أصحاب المصالح الخاصة، وبين العاملين، أو بينهم وبين أولياء الأمور، عقودٌ ووعود، بخطأٍ مقصود، لكن الأثر السلبي على المجتمع سيعود يوماً، لأنه أثرٌ مردود.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: