عربيات: تعويض الفاقد التعليمي خطوةٌ بالاتجاه الصحيح واستثناء المدارس الخاصة غير مبرر

عربيات: تعويض الفاقد التعليمي خطوةٌ بالاتجاه الصحيح واستثناء المدارس الخاصة غير مبرر

عمّان – رائد صبيح

أكدت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” أنّ الخطوة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم بشأن تعويض الفاقد التعليمي خلال العام الدراسي المقبل وزيادة عدد الأيام الدراسية في التقويم المدرسي الجديد هي خطوة بالاتجاه الصحيح، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة المتابعة الحثيثة لتطبيق هذا القرار ومحاسبة أي مقصرين.

وعبّرت عن أسفها لاستثناء المدارس الخاصة من هذا القرار المتعلق بمصحلة أبناءنا الطلاب سواءً في المدارس الحكومية أو المدارس الخاصة وجميعهم تعرضوا للظروف الاستثنائية ذاتها الأمر الذي جعل جميع الطلاب يعانون من الفاقد التعليمي على حدٍ سواء.

وشددت عربيات على أنّ “الفاقد التعليمي، أو الفاقد التعلُّمي”، على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية إذا ما تمَّ تنفيذه كما هو مأمول بتقليص العطلة الصيفيَّة، وعطلة ما بين الفصلين، بمعنى زيادة العام الدراسي المقبل 2023- 2024 بواقع أسبوعين لكل فصل دراسي، من أجل تعويض الفاقد التعليمي لدى أبنائنا الطلبة والذي ما زال يطفو على السطح.

ولفتت إلى أنّ أبناءنا الطلبة الطلبة ما زالوا يعانون مما فقدوه قبل سنوات ليست بالبعيدة، وهذا أمرٌ جيد إذا تمَّ تعويض الطلبة فعلياً عمَّا فقدوه من أساسيات ومفاهيم علمية، ناهيك عن فقدانهم لمهاراتٍ لغوية في اللغتين العربية والإنجليزية، وغيرها من المواد التي نشأَ عنها هذا الفقد!

هل سيتم التعويض فعليًا ولماذا الاستثناءات؟

واستدركت الخبيرة التربوية بالقول: لكن، هل سيتم تعويض الطلبة فعليا في المدارس التي شملها القرار؟ والسؤال الأهم لماذا تمَّ استثناء المدارس الخاصة من هذا القرار؟ فقد قرأنا أنه تم استثناؤها لسببين، الأول أن نسبة الفاقد التعليمي فيها أقل، تُرى كيف تمت عملية قياس ذلك؟ ألم يتعرض جميع طلبة المدارس لنفس الظروف أثناء الجائحة؟ وهل تمتلك هذه المدارس قدرات خارقة لتعويض الفاقد التعليمي؟ نعلمُ جميعاً أن كثير من المدارس الخاصة التعليم فيها أقل من متواضع، فكيف لم ينتج عن ذلك فاقداً؟ ناهيك عن ضرورة تحقيق العدالة بين أبنائنا الطلبة في جميع المدارس كي لا تطفو الطبقية في التعليم أكثر مما هي عليه بين أفراد المجتمع الواحد ، فترى هذا الطالب يداوم في المدرسة، وجاره أو قريباً له يستمتع بوقت الفراغ!

وتابعت حديثها بالقول: أما بالنسبة للسبب الثاني في أن بعض المدارس الخاصة، لديهم برامجهم الخاصة؟ تُرى ما هي هذه البرامج؟ إذا كان المقصود البرامج الدولية الأجنبية، فلا بد من وجود ثغرات وفاقد في المفاهيم العلمية والرياضيات، وهذا موجود بالتأكيد، ناهيك عن عدم إلتزام كثير من تلك المدارس ذات البرامج الخاصة بتدريس كتب ومناهج وزارة التربية والتعليم في اللغة العربية والتربية الإسلامية للطلبة منذ سنوات، علماً بأنه مطلوب من طلبة تلك البرامج ترجمة بالإتجاهين، كما أنه مطلوب منهم كتابة مواضيع باللغة العربية لا تقل عن خمسمائة كلمة، وهم لا يمتلكون مفردات اللغة العربية، أليس هذا فاقد وفقد تعليمي وتعلُّمي أيضاً؟

إقرأ أيضًا: عربيات: ستستمر معاناة المجتمع من آثار “الفاقد التعليمي” ما لم تتم معالجته

المستشارة بشرى عربيات: نحنُ بحاجة إلى صحوةٍ حقيقيةٍ فعلاً، صحوةٌ تنهضُ بالعملية التربوية والتعليمية، من أجل بناء الجيل الحالي والقادم

وقالت عربيات: أضف إلى ذلك وجود عدد لا بأس به من المدارس الخاصة التي تعمل على تدريس المنهاج الأردني – أي البرنامج الوطني – إضافةً إلى برنامج أجنبي آخر، فكيف لا يكون فيها نسبة لا يُستهانُ بها من الفاقد التعليمي؟ وهل تم قياس نسبة 60% من الفاقد التعليمي في المدارس التي شملها القرار فقط؟

وأضافت بالقول: لكن المشكلة تكمن في عدم إلتزام كثير من المدارس الخاصة بالقرارات المتعلقة بالدوام والتقويم المدرسي، وإن التزمت، هل تقوم بتنفيذ برامج حقيقية على أرض الواقع، تعملُ على تعويضِ الطلبة في جميع المراحل الدراسية عمَّا فقدوه من تعليم وتعلُّم؟ هذا هو السؤال الأكبر الذي ينبغي أن تتم متابعته العام المقبل والأعوام التي تليه متابعةً حثيثة، ذلك لأنه، مع الأسف الشديد، الخسارة كبيرة جداً!

إقرأ أيضًا: خبيرة تربوية تحذر: أجيالٌ مهدَّدةٌ بفقدان الهوية بعد فقدان اللغة

وعبّرت عن أملها في “أن تتم متابعة المدارس جميعها بلا استثناء متابعةً حثيثةً ومحاسبة المقصِّرين حساباً عسيراً، لأن التقصير في حقوق الطلبة سوف ينعكس بالضرورة على المجتمع، وهذا التقصير حاصل ومنذ سنوات، وذلك على الصعيد المهني للمعلمين الذين ضمنوا الوظيفة واعتقدوا أنه من دخلها فهو آمن، أما على الصعيد المؤسسي، يعتقدُ أصحاب بعض المدارس الخاصة أن من حصلَ على ترخيصٍ فهو آمن، وهنا تكمن المصيبة والكارثة في انتقاء ما يحلو لهم من مناهج الوزارة المقررة، وتدريس وحدة واحدة أو أقل خلال فصل دراسي كامل، واستنزاف أوقات وطاقات الطلبة في أنشطة بعيدة عن المنهجية، وهذا بالتأكيد لجميع المراحل الدراسية ما عدا التوجيهي”.  

ولفتت عربيات إلى أنّ “كثيراً من المدارس الخاصة تلتزم بقرارات وزارة التربية في التعطيل،ولا تلتزم بقرار الدوام، وبالتالي، فإنَّ هذه المدارس لا تلتزم بالتقويم المدرسي كاملاً، فكيف يمكن أن تتدنى نسبة الفاقد التعليمي فيها؟ مجرد سؤال”.  

وأكدت الخبيرة التربوية “على أن التعليم أصبح بين فاقدٍ ومفقود، لأن التعليم فقد كثيراً من أصحاب الضمائر الحيَّة التي أخذت على عاتقها مسؤولية تعليم أجيال، وبالتالي  أصبح التعليم مفقوداً،نعم،أصبح مفقوداً من نفوس الطلبة، ومن إمكانياتهم وقدراتهم على مواجهة تحديات وصعوبات الحياة، بل إنه أصبح مفقوداً من نفوس كثيرٍ من أولياء الأمور،الذين استسلموا لفرضية إبني أو ابنتي في أحسن مدرسة، وهم لا يعرفون ما يدور في تلك المدرسة، ليس استسلاماً فحسب، بل هذا تسليم مستقبل أبنائهم لجهات غير أمينة على مستقبلهم، ويحسبون أنهم قائمين بدورهم كأولياء أمور”.

بذرة خير

وشددت عربيات على أنّ “هذه الفكرة هي بذرة خير، لكنها بحاجة إلى تعميم وإلى الكثير من الرعاية والمتابعة، فالبذرة لن تنمو ولن تثمر إذا لم تتم سقايتها ورعايتها جيداً”.

وأعادت التأكيد على أملها في أن تتعاون الجهات المعنيَّة  وأولياء أمور الطلبة عبر المزيد من الاهتمام بهذه الخطوة، والعمل على إنجاحها، فلا يكفي فتح المدارس أيام أو أسابيع إضافية دون متابعة، لأنه كما يقال: من أمنَ العقاب أساء الأدب، ونحن كتربويين لا نحب لغة التهديد، لكن هناك من أساءَ فعلياً للعملية التربوية والتعليمية، حتى نشأت أجيالٌ لا تقرأُ ولا تكتب، بل إنها أجيال تائهة حائرة لا تعرفُ لها هدفاً.

وتابعت بالقول: أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر أني رأيتُ قبل أيام طالبات توجيهي في إحدى المكتبات تبحث عن ملخص إحدى المواد، فسألتها، وكان الرد أنها لم تفتح الكتاب بعد، ونحنُ على خطوات وأيام قليلة لبدء امتحان الثانوية العامة، أليس هذا معنى للتِّيه؟ بلى، إنه توجيهي دون توجيه، وهكذا تنتقل عدوى الحيرة والتِّيه لجميع المراحل، حين يختصر المعلمون والمعلمات المادة العلمية في دوسيهات وملخصات، لينشأَ جيلٌ (حافظ مش فاهم) هائم على وجهه، لا تعرفُ هل هو مستيقظ أم نائم.

وختمت عربيات حديثها لـ “البوصلة” بالقول: “نحنُ بحاجة إلى صحوةٍ حقيقيةٍ فعلاً، صحوةٌ تنهضُ بالعملية التربوية والتعليمية، من أجل بناء الجيل الحالي والقادم، ولنتذكر دائماً مقولة الحسين الباني: فلنبنِ هذا البلد، ولنخدم هذه الأُمَّة”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: