الدكتور عبدالحميد القضاة (رحمه الله)
نشرة فاعتبروا (205)
أحدهم يسأل صاحبه: ألست خائفا وأنت تعطي القروش للفقراء أنّ الأزمة ستطول؟ وأنت يمكن أن تحتاجها؟، هذا زمن صعب، وما عندك بالكاد يكفيك، توقعت أن يكون الرد: “ما نقص مال من صدقة”، أو: أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، لكن الإجابة كانت جديدة، قال بكل ثقة: “المُنفقون كـالشهداء، “لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”.
استغربتُ الرد، بحثتُ فى القرآن الكريم، فوجدت أنها جاءت مرتين في حق المُنفقين، ومرة واحدة فقط فى حق الشهداء!، “الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”، “ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ”.
وجاءت في حق الشهداء في سورة آل عمران: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”. كانت أول مره أنتبه لهذا التشبيه
الذي أكرم الله به المُنفقين في الآيات كـالشهداء .. “لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”.
أنفق؛ فستكون ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لا تخشى الفقر، وتذكر قوله تعالى : “وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ”. اللهم اجعلنا من الذين ينفقون في سبيله سرا وعلانية.
هل تريد أن تُمد يدُ الله إليك؟
مد يديك بالخير والمواساة والمساعدة بقدر استطاعتك لمن هم حولك، وستجد الخير المضاعف الخفي لك من اللطيف الخبير، يقول ابن القيم: ربما تكون نائمًا فتقرع أبواب السماء عشرات الدعوات لك من فقير أعنته أو جائع أطعمته، أو حزين أسعدته، أو عابر ابتسمت له، أو مكروب نفست عنه، فلا تستهن بفعل الخير أبدًا مهما كان.
فقد جاء في الأثر “الخلقُ كُلُّهم عِيالُ الله عزَّ وجلَّ، فأَحَبُّ خلقِه إليه أنفعُهم لعِيالِه”. كُن مُتَفائِلًا وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.
من حِكم العرب
من حكم العرب أنها قالت: ما فيك يظهر على فيك، فلا تُخرج من فيك إلا أجمل ما فيك.