ماذا وراء “الفوضى المجتمعية” المترافقة مع امتحان التوجيهي.. ومن المسؤول؟

ماذا وراء “الفوضى المجتمعية” المترافقة مع امتحان التوجيهي.. ومن المسؤول؟

عمّان – البوصلة

استهجنت الخبيرة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” ما وصفته بالفوضى المجتمعية التي ترافقت مع مشهد امتحان الثانوية العامّة “التوجيهي” لهذا العام على كافة الأصعدة، قائلة إنّ من يقرأ المشهد يقفُ حائراً ليتساءل، ما الذي يحدث؟ إنه مجرد إمتحان مثل باقي الإمتحانات التي يتعرضُ لها الطلبة في سنواتِ الدراسة، أم ربما أنهم لا يتعرضونَ لامتحانات؟ كيف يمكن ذلك، وقد تمَّ ترفيعُهُم لهذه المرحلة، أم أنها سلالم، بلا دَرَج؟

وتابعت عربيات حديثها بالقول: يبدو أن في هذه الحياة كثيرٌ من السَّلالم بدون دَرَج، لكن إذا أردنا عقد مقارنة بسيطة مع  السلالم الكهربائية في المحلاَّت التجاريَّة الكبرى وفي المطارات، سنرى أنَّ معظم تلك السَّلالم لها دَرَج، في حال تعطُّل الكهرباء، والبعض منها عبارة عن سطوحٍ مائلة يسهل الصُّعود عليها في حال وجود أي خلل، ولكن السلالم في العملية التعليمية تبدو للكثير من المفكِّرين والمختَصِّين بالشأنِ التربويّ أنها بدون دَّرَج، فما هي الحكاية؟

وعبرت عن أسفها الشديد من أنّ فوضى عارمة اجتاحت فترة الإمتحانات هذا العام، وتترافق معه في كلِّ عام، بدءاً من لحظة خروج الطلبة من قاعة الإمتحان الأول، وانتهاءً بآخرِ يومٍ منها، تُرى من المسؤول عن هذه الفوضى، الطالب؟ أم المعلم؟ أم وليُّ الأمر، أم الأسئلة والتي لا يمكن إلقاء اللَّوم عليها مباشرة بالتأكيد، فقد سمعنا ورأينا أنَّ اللَّوم على واضعيها!.

المستشارة بشرى عربيات: التعليم ليس فقط توجيهي فلنبدأ بالعناية بأول درجة في السُّلَّم مروراً بجميعِ المراحل

وتابعت بالقول: مع احترامي لجميع الآراء التي قرأناها وسمعناها، فأنا أرى أنَّ نمط الأسئلة – الإختيار من متعدد – هو فقط يجب أن يتغيَّر، لعدة أسباب وأهمها إمكانية الغش أثناء الإمتحان، الأمرُ الذي لا يحقق العدالة بين أبنائنا الطلبة، علماً بأنَّ عملية وضع هذا النمط من الأسئلة هي من أصعب العمليات مقارنةً بأنماط أسئلة أخرى، إذاً سوف نعلن براءة أسئلة الإمتحان من هذه الفوضى، حتى لو ورد خطأٌ ما هنا أو هناك.  

واستدركت عربيات بالقول: لكني في المقابل أتمنى على وزارة التربية والتعليم عدم إعتماد هذا النمط للأعوام القادمة، وأن تكون الأسئلة متنوعة، يتخلَّلُها بعض من هذا النمط ما بين الأسئلة المقالية، حتى نحققَ صعود السُّلم دون فوضى!

خطورة الترفيع التلقائي

وأوضحت: “إذا عدنا لتحديد من المسؤول عن هذه الفوضى، الطالب أم المعلم أم وليُّ الأمر فإني أقول كل هؤلاء مسؤولين، والسبب أن ردّ الفعل للطلبة هو انعكاس لما تربَّى عليه في البيت، ولما تعلَّمَهُ في المدرسة، بالتالي نحنُ من نغرس في أبنائنا الطلبة هذه الفوضى، لأننا نحن من دفعنا بهم لصعود السلالم دون دَرَج”.

وحذرت عربيات من أن عملية الترفيع التلقائي من أخطرِ العمليات على العملية التعليمية، والتي تدفع بأعدادٍ كبيرةٍ من الطلبة للوصول إلى أعلى السُّلَّم، أي الصف الثاني عشر بطريقة السَّحب والجَرَ، أو بأسلوب الدَّفع، فتكون النتيجة هذه الفوضى! ليس هذا فحسب، بل إنَّ عملية نزع القلم من الطلبة أثناء الإمتحان – وتزويدهم بأقلام خاصة – لا تتوافق مع زرع القِيَم في نفوسهم، فكيفَ يمكنُ أن نرتقي ونرقى إذا نزعنا القلم، دونَ زَرعِ القيم؟

إقرأ أيضًا: بعد “دموع التوجيهي”.. خبيرة تربوية: لا نريد أجيالاً مهزومة من الداخل

وقالت الخبيرة التربوية: عندما يكونُ الهدف علامة، ومقعد جامعي، فإنَّ التطوير صعب، بل رُبما يكونُ مستحيلاً، كيف لا، والطالب مجرَّد رقم ليس أكثر، هكذا يتمُّ التعامل معه طيلةِ عشرِ سنواتٍ أو أكثر، لماذا لم نسمع يوماً عن أي إمتحان في أي مدرسة حكومية أو خاصَّة أنه صعبٌ،ولا يراعي الفروق الفردية، وما إلى ذلك.

وتابعت حديثها: “أنا أقولُ لكم السبب ذلك لأنَّ معظم الإدارات التي لا تريدُ أن تخسرَ رقماً وليس طالباً، ذلك لأنَّ الطالب مجرد رقم في سجلِّ الأرباح لدى كثيرٍ من المدارس الخاصة، مع الأسف الشديد طبعاً، أما بالنسبة لبعضِ المعلمين والمعلمات سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، فإنَّهم  يريدون كسب محبة الطلبة وتحقيق الشعبويَّة على مواقع التواصل الإجتماعي، وذلك على حساب مصلحة الطلبة، وبالتالي لا يرهقون أنفسهم في تحضيرِ أسئلة ترتقي بتفكيرِ الطلبة، وتمر السُّنون والأعوام ليتفاجأَ الطلبة بأسئلة الثانوية العامة”.

مراجعة عاجلة لما يجري في المدارس

وشددت عربيات على القول: لذلك أتمنى على الجميع مراجعة ما يحدث في المدارس، لأنه ومن خلال خبرة طويلة، يجب أن تكون علامة إمتحان الثانوية العامة في مبحثٍ ما تشبه علامة المدرسة وربما تزيد أو تنقص علامتين أو ثلاثة ليس أكثر ، لذلك علينا مراجعة أنفسنا كتربويين قبلَ أن نكونَ معلمين، لأنها أمانة في أعناقِ الجميع.

“أضف إلى ذلك من يتسلقون المناصب داخل وخارج المدارس دون تأهيل أو خبرة، هؤلاء أيضاً يصعدون السَّلالم دون دَرَج، فتكونَ النتيجة مدراء مدارس ومشرفين ومساعدين وربما مدراء تربية أحياناً لا يُتقنون أعمالهم، لتكون نتيجة ذلك فوضى في المدارس، والشوارع، وقاعات الإمتحان”، على حد وصفها.

إقرأ أيضًا: عربيات: “العشوائيات” المجتمعية والنفسية سيكون لها آثار وخيمة

وقالت عربيات: كما يجب أن لا نغفل عن دور الأسرة، فهل يُعقل المشاهد التي رأيناها على الشاشات لطالبات توجيهي في كامل أناقتها ومكياج الوجه، ولبس يشيرُ أنها ذاهبة لحضور حفلة، إنَّ هذا يدلُّ على عدم وجود تربية، لأنَّ لكلِّ مقامٍ مقال، كما يقال.

وختمت حديثها لـ “البوصلة” بتوجيه رسالة بالغة الأهمية، بالقول: وكما أشرتُ سابقاً في موضوعاتٍ سابقة إلى أن التعليم ليس فقط توجيهي، فلنبدأ بالعناية بأول درجة في السُّلَّم مروراً بجميعِ المراحل، ولنحرص على بناء الجيل علماً وأخلاقاً وقِيَماً حتى يصعدوا السلالم بأمان، وكفانا توجيهي بدون توجيه”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: