مستشارة تربوية: “تحفيظ دون تحفيز”.. هكذا تتراجع المنظومة التعليمية باستمرار

مستشارة تربوية: “تحفيظ دون تحفيز”.. هكذا تتراجع المنظومة التعليمية باستمرار

عمّان – البوصلة

حذرت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” من استمرار تراجع المنظومة التعليمية والوصول إلى طلابٍ يتلقون “التحفيظ” في المدارس فقط دون “التحفيز” الحقيقي، وذلك من خلال مشاهداتٍ عديدةٍ على أرض الواقع ليس آخرها تقصير دوام الطلاب دون أيّ مبرر وانعكاسات ذلك على عدم قدرة المعلمين على “ختم المنهاج”، فضلاً عن مدارس الفترة الواحدة التي قصّرت دوام طلابها بشكلٍ مستهجنٍ دون أيّ داعٍ أو مسوغٍ واقعيٍ.

وقالت عربيات: إنّ تراجع المنظومة التعليمية بدأ منذ اللحظة التي تراجعت فيها مخرجات التعليم العالي، ومنذ دخل سلك التعليم أشخاصٌ لم يجدوا بديلاً لتخصصٍ سوى أن يكون في نهاية المطاف معلماً، وبالتالي فقدت مهنة التعليم كثيرًا من الذين يؤمنون بفكرة كونهم معلمين ومعلمات، فكانت النتيجة “تحفيظ دون تحفيز”!! كيف لا، وفاقدُ الشيء لا يُعطيه، فكيف يمكن لهذه النماذج أن تكون قدوةً حسنةً للجيل الحالي والقادم؟

كما لفتت إلى أنّ المشاهدات التي تُعزز هذه الفكرة كثيرة، وأولها يتمثل في التوقيت الصيفي – بنكهةٍ شتوية – الذي سمح للطلبة والمعلمين الدخول والخروج من المدرسة بشكلٍ عشوائي، دون إكمال الحصص المقررة، مستدركة بالقول: مع العلم أن الجو ما زال صحواً، وهذا من خلال مشاهدات تستوقفني عند المدارس الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً، والطلبة من جميع المراحل خارج المدرسة.

المستشارة بشرى عربيات: أوضاع التعليم بحاجة لعناية حثيثة ومسؤولين بأذن صاغية وعقول مستوعبة لما يجري من تراجع!

وتابعت عربيات حديثها: “وعندما سألتُ أحد الطلاب هل المدرسة فترتين؟ فأجاب “لا” ، سألته: كم حصة أخذتم اليوم – وهو بداية الأسبوع – فقال خمس حصص!!! وهؤلاء طلبة من الصف العاشر والثاني عشر!!”، معبرة عن استهجانها لهذا المشهد بالقول: تُرى من سمح لإدارة المدرسة اختزال حصص طلبة الفترة الواحدة لنصف ساعة؟ ومن سمح لهم اختزال عدد الحصص المقررة للطلبة؟ وكيف يمكن للمعلمين إنهاء المناهج؟ وماذا سيفعل هؤلاء أثناء المنخفضات الجوية في قادم الأيام؟

إقرأ أيضًا: مستشارة تربوية لـ “البوصلة”: يجب تضافر الجهود لتوفير بيئة تعليمية آمنة جسديًا ومعرفيًا

وقالت المستشارة التربوية: “هذه الأسئلة نضعها أمام كل ضمير حيّ، ذلك لأنّ مسؤولية الطلبة في أعناق كل معلم ومعلمة، وفي أعناق كل مدير ومديرة، وفي أعناق أولياء الأمور الذين لا يسألون عن أسباب هذه الفوضى، وفي أعناق كل مسؤول يرى ويسمع بذلك، وربما لا يرى ولا يسمع، لكنه مسؤول!!”.

مدارس لا تلتزم بالدوام والتقويم

وتابعت حديثها بالقول: “على جانبٍ آخر، ومنذ سنوات وحتى اليوم ترى كثيرًا من المدارس الخاصة لا تلتزم بالتقويم المدرسي المقرر من جهة وزارة التربية والتعليم، فها هي تستعد لإجراء إختبارات الشهر الثاني لتنتهي في العشرين من الشهر الحالي، وسوف تبدأ امتحانات نهاية الفصل بعد ذلك بأسبوعين تقريباً، وهذا وضع متكرر لسنوات، والسؤال هو كيف يتم تغطية المنهاج الدراسي المطلوب؟ لا شك أن هناك خلل على حساب مصلحة الطلبة من مختلف المراحل!”.

وأوضحت عربيات: “لو فكرنا للحظة كيف يتم إنهاء المناهج، أو اختصارها، ربما في ملخصات أو دوسيهات، أو وُرَيقات، يعطيها المعلمون للطلبة، بعلم من الإدارة المدرسية، ليذهب الطالب ويحفظ ما بداخل هذه الأوراق، دون فهم أو استيعاب، ويفرح بالعلامة الكاملة التي لا تدل على فهم المحتوى المطلوب!”.

إقرأ أيضًا: مستشارة تربوية: هكذا ستتضرر “الحلقة الأضعف” من الطلاب والمعلمين بتثبيت التوقيت

وشددت بالقول: “نعم، إنها عملية تحفيظ، دونَ تحفيز، والخاسر الوحيد هو الطالب، هذه الخسارة التي سوف تنعكس على المجتمع سلباً بالتأكيد، وربما يشعر بعض أولياء الأمور بالخسارة المادية فقط!”.

“أقولُ ربما لأنه مع الأسف الشديد لم يعد هناك معنى للنقود التي ينفقها الأهل على أبنائهم، إلا فئة قليلة تتابع وتهتم بأبنائها، أما الأغلبية، فهم ينجبون ولا يقومون بالتربية ولا المتابعة، وهذا سيكون له آثارٌ سلبيةٌ بالتأكيد عليهم أولاً، وعلى المجتمع أولاً وأخيراً!”، على حد وصفها.

وختمت عربيات حديها بالقول: “نأمل أن تكون هناك آذانٌ صاغية لما نقول، وعقولٌ مُصغية ومستوعبة لما نكتب، فالوضع يحتاج إلى عناية حثيثة، والمجتمع يخسرُ أجيالاً بشكلٍ متسارع فهل من رقيب أو حسيب؟! ربما!”.

من الجدير بالذكر أنه وبناء على قرار مجلس الوزراء تثبيت العمل بالتوقيت الصيفي لهذا العام، أصبحت الحصة الأولى بحسب تعليمات وزارة التربية والتعليم الجديدة، الساعة الثامنة والنصف صباحا في المدارس ذات الفترة الواحدة، وكذلك للمدارس التي تعمل بنظام الفترتين، فيما كانت الحصة الأولى تبدأ الساعة الثامنة صباحا، والبرنامج الدراسي لمدارس الفترتين يبدأ من الساعة 7:15 للفترة الصباحية، والساعة 12:10 للفترة المسائية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: