ناشطة حقوقية: أين المركز الوطني لحقوق الإنسان والنقابات عن الانتهاكات المستمرة؟

ناشطة حقوقية: أين المركز الوطني لحقوق الإنسان والنقابات عن الانتهاكات المستمرة؟

عمّان – رائد صبيح

انتقدت الناشطة الحقوقية والمحامية ليلى عطا في تصريحاتها لـ “البوصلة” استمرار غياب مؤسسات المجتمع المدني والنقابات عن الدفاع عمّا يتعرض له النشطاء السياسيون والحزبيون والنقابيون من اعتقالاتٍ سياسية بسبب التعبير عن آرائهم، مشددة على أنّ الجهة الأكثر قدرة على تقديم الدعم لهؤلاء والدفاع عنهم والضغط على الحكومة والأجهزة الأمنية لإخراجهم من السجون هو المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي اصبح غيابه عن الواقع الحقوقي أمرًا لافتًا للجميع.

وطالبت عطا بضرورة التعامل مع ملف المعتقلين السياسيين من منطلق ترسيخ العدالة والحقوق ومنع وقوع الظلم عليهم، وليس فقط المطالبة اليوم بالإفراج عنهم ليقضوا أيام عيد الفطر السعيد بين أهلهم كحقٍ إنسانيٍ لهم وليس منّة ولا كرمًا من أحد.

الإفراج عنهم حق وليس منحة

وقالت عطا: حين نتطرق لموضوع المعتقلين السياسيين فيجب علينا أن نطرحه من منطلقات تحقيق العدالة ابتداء، ولدينا قانون العقوبات وقانون منع الجرائم وقانون مكافحة الإرهاب، وهذه القوانين التي تحدد ما هي الجريمة سياسيًا.

ولفتت إلى أنّه “ومن خلال تعاملي مع المعتقلين السياسيين، فإنّ التجريم لا يتم من خلال أفعال الشخص فعليًا، بل إنّهم يختارون نص مادة قانونية، ويجعلون المعتقل يعترف إجباريًا وفي بعض الأحيان يوقعونهم على أوراق بيضاء وأحيانًا يكتبوا محضر التحقيق على لسانهم ويجبرونهم على التوقيع، وكثير من المعتقلين السياسيين يحصل معهم ذلك، وهذه الحقيقة التي يجب أن نتوقف عندها”.

الناشطة الحقوقية ليلى عطا: يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات حقيقية لمراقبة ومتابعة الانتهاكات الحقوقية في السجون

إقرأ أيضًا: نخب تحذر: ما الذي يجري في المركز الوطني لحقوق الإنسان؟

وتابعت بالقول: “الموضوع ليس موضوع رحمة والإفراج عنهم لكي يقضوا أيام العيد مع أهلهم، الموضوع يتعلق بتحقيق العدالة، فهؤلاء لا يحاسبوا على جرائم يُعاقب عليها القانون بل يتم اختلال جرائم لهم لمجرد أنّهم يحملون فكرًا معينًا ولمجرد مواقفهم السياسية وهذا ما يحصل فعليًا”.

وأوضحت “أنه ومن خلال عملنا بمحكمة أمن الدولة، أشعر أنّ الدولة والأجهزة الأمنية تقوم باعتقال فئات معينة ونشطاء دون أي سبب ولا لأجل اتخاذهم مواقف سياسية قوية ولا لتعبيرهم عن الرأي، بل تسعى الدولة لتحقيق هدف معين، فأحيانًا تسعى الدولة لتغيير مسار سياسي معين، تبدأ باعتقال من يتحدث عن هذه الفكرة حتى يخاف الآخرون ولا يجرء أحد على الحديث بالفكرة ذاتها، فيتم الاعتقال بسبب منشور أو جملة أو تعبير بسيط عن الرأي في سياق فكرة معينة”.

مؤسسات تتلقى الدعم وتغض الطرف عن الانتهاكات

وعبرت الحقوقية عطا عن استغرابها الشديد من “أنّ لدينا الكثير من جمعيات حقوق الإنسان وجمعيات حقوق المرأة، وفي المقابل نلاحظ أنه ليس هناك من قبلهم أي تحرك حقيقي للدفاع عن المعتقلين السياسيين، حتى في نقابة المحامين ومجمع النقابات المهنية يفترض أنّ لدينا لجان للحريات ومن المفترض أن تتحرك هذه الجهات في حالات الاعتقال السياسي ولكن مع الأسف كل اللجان أصبحت مغيبة”.

وأضافت، “أصبح شغل حقوق الإنسان وهذه حقيقة نلاحظها، إنجاز تقارير ورفعها بهدف الحصول على الدعم المادي والمال، لكن وجود نشاط حقيقي على الأرض للدفاع عن حقوق الإنسان فلا نجد شيئًا من ذلك”.

إقرأ أيضًا: الخطيب لـ “البوصلة”: الناشط الشراري ليس إرهابيًا ويجب الإفراج عنه

وقالت عطا إنّ “الجهات المدافعة عن حقوق الإنسان تعلم أنّ المعتقلين السياسيين يتم تغييبهم لمدة شهر أو شهرين ويتم نزع الاعترافات منهم تحت التعذيب بجرائم لم يرتكبوها، وحين نراجع الجهات المختصة مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان وغيره يكون الرد علينا أنّنا لا نستطيع فعل أي شيء، فيما المؤسسات الحقوقية تعترف بأنّ تقاريرها التي ترفع حول الواقع الحقوقي تفيدهم في الحصول على المساعدات والتبرعات”.

بين الإنسانية والحقوق

ولفتت إلى مثال صارخ على التمييز ضد المعتقلين السياسيين بالقول: في فترة الكورونا تم الإفراج عن الكثير من المعتقلين ومنهم متعاطي المخدرات، لكن كان مستحيل أن نستطيع المطالبة بالإفراج عن معتقلين سياسيين، وهم موقوفون ولا يقضون مدة محكومية، ومع ذلك تمّ رفض الإفراج عنهم تمامًا رغم مخاطر الواقع الصحي في حينها.

وتابعت عطا بالقول: أنا أريد أن أكون واقعية، فهل نطالب الحكومة اليوم بالإفراج عنهم لأسباب إنسانية وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون ليقضوا العيد بين أهلهم، والحكومة أصلاً لا ترى أنّ لهم أي حقوق، والحكومة بذلك تطبق السياسات التي تعجبها بالقوة وتعتقل أي ناشط يعلن مواقفه السياسية المخالفة.

من الجهة الأكثر قدرة على التحرك لتعزيز الواقع الحقوقي؟

وشددت عطا على أنّ “المركز الوطني لحقوق الإنسان هو أكثر جهة بإمكانها التحرك وتحقيق الإنجازات التي لا تستطيع الجهات الحقوقية الأخرى في الأردن تحقيقها من خلال الصلاحيات التي يمتلكها، ومع ذلك ليس هناك أي تحرك”.

وقالت: “نحن لجأنا للمركز الوطني لحقوق الإنسان في العديد من القضايا، وكان جلّ ما يقوم به فقط استقبال الشكوى ومتابعتها، وحين نراجع يقول لنا المسؤولون في المركز إنّ عملنا انتهى هنا والوضع أصبح قانونيًا”.

إقرأ أيضًا: بريزات: استقلالية المركز الوطني تُنتهك بشكلٍ جوهري وأدعو الغيورين للدفاع عنه

ولفتت إلى أنّ “المركز يعلم أنّ الأوضاع التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون ليست قانونية، ومع ذلك لماذا يسعى لإضفاء صبغة قانونية عليها من وجهة نظره”.

ونوهت عطا إلى أنّه “إذا عجز المركز الوطني عن القيام بدوره كجهة مدافعة عن حقوق الإنسان، فليقدموا لنا كشفًا بالإجراءات التي اتخذوها والأمور التي تابعوها في السجون ومن المعتقلين الذين استطاع المركز الضغط للإفراج عنهم، وبغير ذلك ليس من حقهم القول بأنهم مركز للدفاع عن حقوق الإنسان ثم يقف عاجزًا عن الدفاع عن المعتقلين السياسيين”.

تعديل التشريعات.. من يقرع الجرس؟

وحول دور التشريعات الناظمة للواقع الحقوقي وحمايته وضرورة تعديلها، علقت المحامية ليلى عطا بالقول: إنّ الإشكالية في التشريعات اليوم وتطبيقها بعدم وجود رقابة على الأجهزة الحكومية حين ترتكب الأخطاء بحق المعتقلين الذين يوقفوا لعدة سنوات ثم يكون الحكم النهائي عليهم بالبراءة، فمن يتحمّل المسؤولية ومن يرفع الضرر الواقع على هؤلاء.

ولفتت إلى أنّ “الإجراءات التعسفية التي تتخذ ضد النشطاء والمواطنين العاديين وتوقع الضرر عليهم، لماذا لا يستطيع من وقع عليه الضرر أن يقاضي الجهة التي تعسفت بحقه ويستحق على ذلك التعويض عن الاضرار المادية والنفسية”.

إقرأ أيضًا: الخطيب لـ “البوصلة”: الحكومة تعيدنا لأسوأ ممّا كان أيام الأحكام العرفية

وقالت عطا: “لنكن أكثر منطقية في موضوع تعديل التشريعات، وهو متعلق بالفهم الموجود بالشارع، فهل قدمت المنظمات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان مقترحات لمجلس النواب حول القوانين التي يجب أن تحمي حقوق الإنسان في الأردن، حتى المركز الوطني لحقوق الإنسان هل قدم مقترحات بشأن تعديل القوانين لتحقيق ضمانات حقوقية أكبر حتى يتبناها مجلس النواب، فليس هناك أي شيء عملي ملموس مقدم للسلطة التشريعية لنطالب به جميعًا ونحاسبهم عليه”.

رسالة حقوقية للحكومة

وقالت عطا في رسالة وجهتها للسلطة التنفيدية بضرورة اتخاذ الحكومة موقفًا أكثر وضوحًا بشأن الحريات السياسية، لأنّ المساحة التي تتحدث عنها الحكومة نظريًا وفي تصريحاتها لا تتناسب مع الواقع الفعلي، فهنا نحن أمام مشكلة كبيرة.

وأكدت على ضرورة أن تراجع الحكومة والجهات المعنية فيها بالواقع الحقوقي الأجهزة المسؤولة عن إنفاذ القانون والوقوف عند الإجراءات المخالفة والمتعسفة بحق المعتقلين السياسيين وغيرهم، ومراجعة حقيقية هل يستحق هؤلاء الاعتقال وأن يوقفوا كلّ هذه المدّة ثم يكون الحكم ببراءتهم، ولذلك يجب أن يكون هناك إجراءات حقيقية للمراقبة والمتابعة.

تحالف وطني جامع

وكانت لجنة الحريات العامّة وحقوق الإنسان في حزب جبهة العمل الإسلامي، عقدت مطلع شهر نيسان الجاري، مؤتمرًا صحفيًا حول واقع الحريات في الأردن.

وقال الامين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس مراد العضايلة إنه لا يمكن الحديث عن التحديث السياسي في ظل تراجع الحريات العامة والاستدعاءات الأمنية التي وصل بها الحال لاستدعاء النساء.

وأضاف العضايلة خلال المؤتمر أن استدعاء النساء لا يليق في الأردن والثقافة الأردنية وحتى ثقافة المؤسسة الأمنية.

إقرأ أيضًا: “حريات العمل الإسلامي” تطالب بوقف الانتهاكات الحقوقية وتدعو لتحالفٍ وطنيٍ جامعٍ (شاهد)

واستعرض التدخلات الأمنية في تأسيس الأحزاب وحتى انتخاباتها الداخلية، مؤكدا أنه لا يمكن للحياة الحزبية أن تنجح دون حرية كاملة.

وطالب العضايلة بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين مع اقتراب الانتخابات ليتأكد المواطنون من دخول مرحلة جديدة عنوانها الحريات العامة وهو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة السياسية.

ولفت إلى أن التطرف الصهيوني المتصاعد والذي يهدد الأردن يجب أن يكون الرد عليه بالديمقراطية الأردنية التي تعطي الحق للشعب الأردني لمواجهة هذا التطرف.

بدوره سلط رئيس اللجنة المحامي بسّام فريحات في البيان الذي تلاه خلال المؤتمر على عددٍ من القضايا المهمّة التي تمس واقع الحريات في الأردن وتشكل انتهاكًا خطيرًا له وتمثل واقع الحال، وعلى رأسها الاعتقالات التعسفية، والمنع من السفر والاستدعاءات الأمنية، واستدعاء النساء والناشطات والتحقيق معهنّ من قبل الأجهزة الأمنية، فضلاً عن عدم إنفاذ قرارات القضاء التي أضرت بسمعة الدولة الأردنية خاصة فيما يتعلق بقضية نقابة المعلمين، وكذلك القيود على النشاط الحزبي والسياسي، وتقييد الحريات الصحفية والإعلامية، وتقييد العمل النقابي عبر التعامل المستمر من خلال القبضة الأمنية واستمرار العقلية العرفية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: