نخب تحذر: ما الذي يجري في المركز الوطني لحقوق الإنسان؟

نخب تحذر: ما الذي يجري في المركز الوطني لحقوق الإنسان؟

عمّان – البوصلة

حذرت نخبٌ سياسيةٌ وحقوقية ممّا يجري في المركز الوطني لحقوق الإنسان من ممارسات إدارية تسيء لسمعة الأردن الحقوقية دوليًا وتوشك أن تفقد المركز سمعته وموثوقيته وتعرض تصنيفه للتخفيض لدرجات أقل، معبرين عن أسفهم الشديد لما حصل خلال الفترة الأخيرة من إجراءات جعلت الأردنيين يفقدون ثقتهم بالمركز كملاذٍ أخير يلجأون له للدفاع عن حقوقهم.

وناشدت نخبٌ في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” الملك عبدالله الثاني والحكومة التدخل لوقف كل الممارسات التي تسيء لسمعة المركز وسمعة الاردن الحقوقية وإعادة تشكيل مجلس الأمناء بما يتماشى مع معايير باريس المتعلقة بإنشاء وتقوية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، مشددين على ضرورة رد الاعتبار للمركز كمؤسسة وطنية حامية وحارسة ومدافعة عن الحقوق والحريات من خلال اختيار شخصية وطنية تتمتع بمصداقية عالية ولها سجل فيما يتعلق بحقوق الإنسان والدفاع عن الديمقراطية وممارستها في الأردن.

أساس المشكلة

وقال الرئيس التنفيذي لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان عاصم ربابعة في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ أزمة المركز الوطني لحقوق الإنسان هي انعكاس لمشكلة مستمرة لها علاقة بآلية عمل مجلس أمناء المركز وطريقة تعيين أعضائه.

وأضاف أنّ “الجميع ينظر للمركز الوطني لحقوق الإنسان بأنه مؤسسة وطنية تسعى للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان في الأردن، سواءً من خلال المبادرات التي تقدمها، أو المقترحات المتعلقة بالتشريعات والممارسات بما ينسجم مع التزامات الأردن الدولية في مجالات حقوق الإنسان”.

وتابع بالقول: لكن للأسف عقب تشكيل المجلس الأمناء الأخير وما رافقه من وجود خلل يتعلق بكيفية تنظيم عمل هذا المجلس، هذا انعكس على العديد من الممارسات التي تدخل ضمن مفهوم انتهاك حقوق الإنسان، وكان آخرها تقديم إخبار أو شكوى بحق موظفين عاملين في المركزبزعم ارتكابهم جرائم مخالفة لقانون الجرائم الإلكترونية، بالرغم من أنّ المركز الوطني لحقوق الإنسان كان أحد المؤسسات الرئيسية التي انتقدت قانون الجرائم الإلكترونية والممارسات التي تتم وفقٌا لهذا القانون، باعتبار أنّه يمس بشكل اساسي بحق المواطن الأردني بحرية الرأي والتعبير، وبالتالي يخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان ويخالف ما التزم به الأردن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

عاصم ربابعة: الغياب التام لمجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان عن ممارسات رئيسه أمرٌ مؤسفٌ للغاية

وعبر ربابعة عن أسفه الشديد لما قام به رئيس مجلس الأمناء مؤكدًا في الوقت نفسه أنه يتناقض بشكل أساسي ويشكل مخالفة صارخة لقانون المركز الوطني لحقوق الإنسان وتحديدًا المادة (4) لأنه يتحدث عن تعزيز وتطوير حقوق الإنسان بما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ولفت إلى أنّ المركز الوطني أحد مهامه مناهضة مثل هذه الممارسات ومحاربتها، وتقديم الدعم للضحايا، أو الأشخاص الذين يتم تقديم شكوى بحقهم من خلال استخدام قانون الجرائم الإلكترونية، وما قام به المركز يخالف التفويض الممنوح ويسيء لسمعة الاردن الدولية، سواء فيما يتعلق بالملف الذي سبقه بإحالة المفوض العام وأيضًا 4 موظفين آخرين بزعم وجود مخالفات مالية في أحد المشاريع الممولة للمركز، أو ما رافق ذلك من تداعيات أيضًا مسّت حقوق مجموعة واسعة من الموظفين وارتبطت بشكلٍ أساسيٍ بالترفيعات التي أجراها رئيس مجلس الأمناء وكانت غير محقة ودون موافقة مجلس الأمناء.

واستدرك ربابعة بالقول: الحقيقة ممّا يؤسف أكثر، الغياب التامّ لمجلس الأمناء في وقف ممارسات رئيسه، وانا أناشد عبركم المجلس أن ينهض بدوره فيما يتعلق بتعزيز وتطوير أوضاع حقوق الإنسان بحيث يعيد للمركز اعتباره.

مساس بسمعة الأردن ومكانة المركز

وقال الرئيس التنفيذي لمركز عدالة: هذه الممارسات لم تؤثر فقط على سمعة الأردن الدولية، بل مست مكانة المركز ومست ثقة المواطنين لأنه يعمل كحلقة وسيطة ما بين الأشخاص المنتهكة حقوقهم والدولة، فما بالك إذا كان من تنتهك حقوقهم من الموظفين القائمين بعمل المركز.

واستدرك بالقول: حتى هذه اللحظة من يباشر صلاحياته في المركز الوطني لحقوق الإنسان هو رئيس مجلس الأمناء، لأنّه لم تصدر الإرادة الملكية بقبول استقالته بعد باعتباره استحقاقًا قانونيًا، يوجب عليه الاستقالة مرتبط بتعديل قانون المركز الوطني الذي نصّ على عدم جواز الجمع بين قيادة الأحزاب السياسية والعمل كرئيس لمجلس الأمناء أو مفوض في المركز الوطني، ونعلم أنّ المفوض العام الحالي وعدد من الموظفين كُفّت يدهم منذ أشهر عن العمل.

إقرأ أيضًا: بريزات: استقلالية المركز الوطني تُنتهك بشكلٍ جوهري وأدعو الغيورين للدفاع عنه

وشدد على أنّ “هذا يعكس أزمة عميقة داخل المركز، سواء فيما يتعلق بإدارة المركز أو طريقة عمل مجلس الأمناء”.

وقال ربابعة: أناشد الحكومة أنّ تتدخل لوقف هذا التراجع الحاد في مسار عمل المركز لأنه سينعكس على سمعة الأردن الدولية ويمكن أن يؤثر على تصنيف المركز (أ) الذي سيتم مراجعته خلال هذا الشهر.

تصنيف المركز الدولي مهدد

وأشار إلى أنّ هناك جلسة لإعادة النظر في تصنيف المركز الوطني لحقوق الإنسان من الجهات المانحة للتصنيف، لأنّ أحد أهم العناصر في تصنيف (أ) الذي حصل عليه المركز يتعلق بمدى الاستقلالية، محذرًا في الوقت ذاته من أنّه: واضح من الممارسات التي تحصل داخل المركز من استهداف المفوض العام السابق والحالي، وفريق عمل المركز، وهذه ممارسات تمس باستقلالية المؤسسة، ولا تعكس أنّ هذه المؤسسة موجودة من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان على المستوى الوطني.

وناشد ربابعة الملك والحكومة بإعادة تشكيل مجلس الأمناء للمركز الوطني لحقوق الإنسان بما يتماشى مع معايير باريس المتعلقة بإنشاء وتقوية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بحيث يرد الاعتبار للمركز كمؤسسة وطنية حامية وحارسة ومدافعة عن الحقوق والحريات في الأردن من خلال اختيار شخصية وطنية تتمتع بمصداقية عالية ولها سجل فيما يتعلق بحقوق الإنسان والدفاع عن الديمقراطية وممارستها في الأردن.

ولفت إلى أنّ هذا الأمر أهم ما نحتاج إليه في هذه الفترة، ومجلس الأمناء القادم عليه أن يعيد الاعتبار للمركز ودوره من خلال الممارسات التي تنسجم مع معايير حقوق الإنسان بحيث تعكس صورة بلدنا كنموذج يحترم ويحمي ويعزز حقوق الإنسان على المستوى الوطني، مشددًا على أنّ لبلدنا إسهامات على المستوى الدولي خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات الوطنية لأنّ الأردن كان رئيس اللجنة التي مهمّتها تصنيف المؤسسات واعتماد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في العالم.

المركز يعجز عن إنصاف موظفيه

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة إنّ ما يحدث داخل المركز الوطني لحقوق الإنسان يمكن أن يندرج بامتياز، تحت عنوان : «صدق أو لا تصدق «، تصور أن اهم هيئة وطنية تأسست منذ 20 عاما، و تحملت مسؤولية الدفاع عن حقوق الإنسان في الأردن، و اعتبرها الأردنيون ملاذهم للشكوى من أي تعسف يطالهم، تقف عاجزة، منذ شهور، عن انصاف موظفين يعملون فيها، ثم لا تتورع إدارتها عن إحالة بعضهم للتحقيق، أو رفع دعوى عليهم أمام القضاء، بذريعة الإساءة لسمعة المركز.

وقال في مقالته بصحيفة الدستور إنّ ما جرى، حتى الآن، يشير إلى أن إدارة المركز، بما فيها مجلس الأمناء، لم يتعاملوا مع الازمة، سواء أكانت ‏حقيقية أم مفتعلة، بما يلزم من حكمة وحصافة، على العكس تماما، فقد تدحرجت مثل كرة الثلج حتى وصلت إلى سابقة لم يعهدها المركز منذ تأسيسه، وهي اعتصام موظفيه لنحو شهرين، واهتزاز ثقة الأردنيين به، ثم إمكانية تعرضه لتخفيض التصنيف الدولي له من درجة (أ ) إلى درجة (ب).

إقرأ أيضا: همم تحذر من تقويض استقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان

‏وتساءل الرواشدة: لمصلحة من جرى كل ذلك؟ لا أعرف، المفارقة أن مؤسسات القرار بالدولة ظلت محايدة، ولم تتدخل فيما جرى، ثم ان القانون الجديد الذي صدر للمركز، ودخل حيز التنفيذ، لم يجر تفعيله بعد، ثم ان الاستقالة التي قدمها الأمين العام للمركز ما تزال معلقة، كما أن مجلس الأمناء ظل بعيدا عن المشهد، وكأنه لا علاقة له بالموضوع، ‏كل هذا يطرح سؤالا مهما، وهو: هل ما زال دور المركز مطلوبا؟ وهل الحفاظ على سمعته مصلحة وطنية؟ إذا كانت الإجابة، نعم، وأتمنى ذلك، فلماذا لا نتحرك لتصحيح الصورة، وإعادة المركز إلى سكته الحقيقة؟

وختم بالقول: لا يوجد لدي أي تعليق إضافي، أشعر بالحزن، فقط، لأن مؤسساتنا تتعرض، صدفة أو بفعل فاعل، لمحاولات تشويه، وأن ثمة من يريد لها أن تتراجع، وهذا يستدعي أن ننتبه، فبعد مسيرة 20 عاما، حظي فيها المركز الوطني بما يليق به من مكانة وسمعة، محلية ودولية، وذلك بفضل كوكبة من الأمناء العامين، والمفوضين، والموظفين، من المؤسف -حقا -أن نصمت ولا نقول ولو : يا خسارة…وفهمكم كفاية.

إقرأ ايضًا: اعتصام لموظفي “الوطني لحقوق الإنسان” احتجاجا على قرارات إدارية (صور)

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: